التقمص والاضطرابات الشخصية والفرق بينهما

حقيقة إن العالم البشري يواجه مشكلة كبيرة في التعامل مع بعضه البعض بشكل عام، وبشكل خاص أصحاب الفكر الواعي والمطلعين والعارفين في علم النفس. ذلك بسبب تقمص معظم الناس شخصيات ليست لها وليست شخصياتها الحقيقة بالأصل، اعتقد أن الظاهرة هذه أو هذا الحدث هو طبيعي بالكاد، بيد أن النفس البشرية تطّلع إلى تغيير شيئاً في محورها وبنيتها المركزية. طبعاً إلى الأفضل ولو أردنا التحديد؛ فهذا يعني أن حركة التغيير هذه إيجابية.

 

لكننا لو بحثنا في لب القضية وفي التفاصيل المهمة لهذا التغيير فإننا سنجد العلة السببية للقيام بمثل هذه الخطوة، وهذا ناهيك عن أن سلبياتها أكثر من الإيجابيات. إن النفس وإذ أرادت أن تتقمص شخصية ما معروفة لها فإنها ستقوم بذلك لسبب امتلاك هذه الشخصية شيئاً إيجابياً جميلاً. إن هذا الأمر لا نقاش فيه، لكن ماذا عن التطبع والقيام ببعض الأعمال التي هي غير حميدة أخلاقياً أو ناتجها سلبياً لو أصح التعبير؟ إن رؤية النفس التي قامت بعملية التقمّص، إنها لرؤية غير واضحة جلياً لأن هدفها هو تغيير شيئاً ما والتركيز على التغيير وحسب، فلهذا إنما نحتاج إلى تعليل وقيام ببحث كافِ كيلا نرتكب أخطاءً دميمة ناتجة عن فعلٍ هو بالأصل إيجابي. فبالتالي ستضطرب الرؤية ويصعب التمييز عند الأشخاص الذين نعاملهم في حياتنا اليومية وغير اليومية…

 

أما في خصوص الاضطرابات، اضطرابات النفس البشرية، فإنها ناتجة عن سوء معاملة الأنفس لها، الأنفس التي تحيط بها سواء أكنت قريبة منها أو بعيدة. لكن ينبغي على النفس المتضررة مقاومة العدوى ومكافحتها وعلاج ذاتها، ذلك خير لها من أن تُصاب بمثل هذه الاضطرابات التي تُنقص من رونقها جمالاً ومن عظمتها شأناً. وفي خصوص الجانب السلبي بالنسبة لاضطرابات النفس، فإن الحياة لا تخلو من المتاعب، وعلاوة على المتاعب تبذل النفس البشرية جهداً كبيراً لكي تستمر في خلودها غير الدائم ولأسبابٍ أخرى كثيرة، وإن المتاعب التي تواجهها أي نفس والجهد الذي تبذله تقريباً يوازيا ويساويا ما يترتب على الأنفس الأخرى الباقية، وإن هذه المقارنة هي تنويهاً قد قالوه فلاسفة مختلفون في معظم آراءهم لكنهم أجمعوا على أن لا تسبب نفس أذى لنفس أخرى.

الكاتب إبراهيم الحمدو.

أوسلو 2017.12.23